الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تدريب الرَّاوي في شَرْح تَقْريب النَّواوى ***
يَتَركَّب من النَّوعين قبلهُ, وللخَطِيب فيه كِتَابٌ, وهُو أن يَتَّفق أسْمَاؤهما, أو نَسَبُهما, ويَخْتلف ويَأتلف ذلكَ في أبَويهِمَا أو عَكْسه, كمُوسَى بن علي بالفتح كَثيرُون. النَّوع الخامس والخَمْسُون: المتشابه. وهو نوع يتركَّب من النَّوعين اللَّذين قبلهُ, وللخَطيب فيه كتابٌ سمَّاه «تلخيص المُتشابه» وهو من أحسن كُتبهِ. وهو أن يتَّفق أسْمَاءهما, أو نَسَبهما في اللَّفظ والخطِّ, ويَفْترقَا في الشَّخص ويختلف ويأتلف ذلك في أسْمَاء أبويهما بأن يأتلفا خطًّا ويفترقا لفظًا أو عكسه بأن تأتلف أسماؤهما خطًّا, ويختلفا لفظًا, وتتفق أسماء أبويهما لفظًا وخطًّا, أو نحو ذلك, بأن يتَّفق الاسمان, أو الكُنيتان لفظًا, ويختلف نسبتهما نُطقًا, أو يتفق النِّسبة لفظًا, ويختلف الاسْمَان, أو الكُنيتان وما أشبه ذلك. كمُوسَى بن علي بالفتح للعين كثيرون في المتأخِّرين, ليسَ في الكُتب السِّتة, ولا في «تاريخ» البُخَاري, وابن أبي حاتم, وابن أبي خَيْثمة, والحاكم, وابن يُونس, وأبي نُعيم, و«ثقات» ابن حبَّان, و«طبقات» ابن سعد, و«كامل» ابن عَدي منهم أحد. وفي «تاريخ بغداد» للخطيب منهم رَجُلان متأخِّران: موسى بن علي أبو بَكْر الأحول البزَّار, روى عن جعفر الفِرْيابي. ومُوسى بن علي أبو عيسى الخُتْلي روى عنه ابن الأنْبَاري, وابن مِقْسم. وفي «تاريخ» ابن عساكر مُوسى بن علي أبو عِمْران الصَّقلي النَّحَوي, روى عن أبي ذر الهَرَوي. وذكر في «تلخيص المتشابه» رابعًا مُوسى بن علي القُرشي, مجهول. ومنهم: مُوسى بن علي بن قدَّاح أبو الفَضْل بن الخيَّاط المُؤذِّن, سمع منه ابن عَسَاكر وابن السَّمعاني. ومُوسَى بن علي بن غالب الأموي الأنْدَلُسي. وموسى بن علي بن عامر الحريري الإشبيلي النَّحَوي, ذكرهما ابن الأبار. قال العِرَاقي: فهؤلاء المَذْكورون في تواريخ الإسلام من المشرق والمغرب إلى زَمَنِ ابن الصَّلاح, لم يبلغُوا عشرة, فوصف النَّووي لهم بأنَّهم كثيرون, فيه تجوُّز. وبضَمِّها: مُوسَى بن عُلَيِّ بن رَبَاح المِصْري, ومنهُم من فَتَحها, وقِيلَ: بالضمِّ لقَبٌ, وبالفَتْح اسم. وبضَمِّها مُوسى بن عُلَي بن رباح اللَّخمي المِصْري أميرُ مصر, اشْتُهر بضمِّ العين. ومنهُم من فَتَحها نقلهُ ابن سعد عن أهل مِصْر, وصحَّحه البُخَاري وصاحب «المشارق». وقِيلَ: بالضمِّ لقبٌ, وبالفتح اسم قاله الدَّارقُطْني. ورُوي عن موسى أنَّه قال: اسمُ أبي عَلي, ولكن بَنُو أمية قالوا: عُلَي, وفِيَّ حرج من قال: عُلَيَّ. وعنهُ أيضًا: من قال: مُوسَى بن عُلَيَّ, لم أجعلهُ في حلٍّ. وعن أبيه: لا أجعل في حل أحد يُصغِّر اسْمِي. قال أبو عبد الرَّحمن المُقْرئ: كانت بَنُو أُمية إذا سمعُوا بمولود اسمهُ علي قتلوه, فبلغ ذلك رباحًا, فقال: هو عُلَي. وقال ابن حبَّان في «الثقات» كان أهل الشَّام يجعلون كل عَلِي عندهم عُليًّا لبُغْضهم عليًّا رضي الله عنه ومن أجله قيل لوالد مَسْلمة, ولابن رَبَاح: عُلي. قلتُ: ولمَّا وقع الاختلاف في والد مُوسى, فيَنْبغي أن يُمثل بمثال غيره, وذلك أيُّوب بن بَشِير, وأيُّوب بن بُشَير. الأوَّل أبوه مُكبَّر, عجلي شامي, روى عنه ثعلبة بن مسلم الخَثْعمي. والثَّاني أبوه مُصغَّر, عدوي بَصْري, روى عنه أبو الحُسين خالد البَصْري, وقتادة, وغيرهما. ومِنْ أمثلة عَكْسه: سُرَيج بن النًُّعْمان, وشُرَيح بن النُّعْمان, وكلاهما مُصغَّر. الأوَّل بالمهملة والجيم, جده مروان اللؤلؤي البَغْدادي, روى عنه البُخَاري. والثَّاني بالمُعجمة والحاء المُهْملة الكوفي, تابعي له في «السُّنن» الأربعة حديث واحد عن عليِّ بن أبي طالب. وكمُحمَّد بن عبد الله المُخَرِّمي, بضَمَّةٍ, ثمَّ فَتْحةٍ, ثمَّ كَسْرةٍ, إلى مخرِّم بغداد, مشهُورٌ, ومحمَّد بن عبدُ الله المَخْرَمي, إلى مَخْرمة, غير مشهُور, روى عن الشَّافعي. وكَثَوْر بن يَزِيد, الدِّيلي في «الصَّحيحين»، والأوَّل في «صحيح» مسلم خَاصَّة. وكمُحمَّد بن عبد الله المُخَرمي بضَمَّة للميم ثمَّ فتحة للخاء المُعجمة ثمَّ كَسْرة للرَّاء المُشدَّدة نسبة إلى مخرم بغداد محلَّة بها مشهور جده المُبَارك, ويكنى أبا جعفر القُرشي البَغْدادي الحافظ, قاضي حلوان, روى عنه البُخَاري وأبو داود. ومحمَّد بن عبد الله المَخْرمي بفتح الميم وسُكون الخاء المُعْجمة المكي, نسبة إلى مخرمة بن نوفل غير مشهُور, روى عن الشَّافعي وعنه عبد العزيز بن زبالة. وكَثَور بن يزيد الكَلاعي, وثور بن زيد الدِّيلي روى عنهما مالك, والثاني أخرج له في «الصحيحين»، والأول في «صحيح» مسلم خاصَّة. قال العِرَاقي: هذا وهمٌ, بل في البُخَاري خاصة, روى له في الأطعمة عن خالد بن مَعْدان عن أبي أُمَامة, كان النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع مائدته قال: «الحَمدُ لله...» الحديث. وثلاثة أحاديث أخَر. وكأبي عَمرو الشَّيْبَاني التَّابعي بالمُعْجمة, سَعْد بن إياس, ومثلهُ اللَّغوي إسْحَاق بن مِرَار – كضِرَار, وقِيلَ: كغَزَال, وقِيلَ: كعَمَّار- وأبو عَمرو السَّيباني التَّابعي, بالمُهْملة زُرْعَة, والد يَحْيَى. وكعَمرو بن زُرَارة, بفتح العين جَمَاعة, منهم شيخ مُسْلم أبو مُحمَّد النَّيْسابوري, وبضمِّها معرُوف بالحَدثي. وكأبي عَمرو الشَّيباني التَّابعي بالمُعجمة المفتوحة سعد بن إياس الكوفي, مُخَضرم, حديثه في الكتب الستة. ومثله أبو عَمرو الشَّيباني اللَّغوي إسْحَاق بن مرار الكوفي, نزيل بغداد, وأبوه بكسر الميم والتخفيف كضرار قاله عبد الغني بن سعيد وقِيلَ : بفتحها كغزال قاله الدَّارقُطْني وقِيلَ : بالفتح وتشديد الراء كعمَّار له ذكر في «صحيح» مسلم بكنيته في تفسير حديث: «أخْنَع اسم عندَ الله رَجُل تَسمَّى مَلك الأمْلاك». ولهم ثالثٌ أيضًا, وهو: أبو عَمرو الشَّيباني هارون بن عنترة بن عبد الرَّحمن الكُوفي, من أتباع التَّابعين, حديثه في «سنن» أبي داود والنَّسائي, كنَّاه كذا يحيى بن سعيد, وابن المَدِيني, وأحمد, والبُخَاري, والنَّسائي, وأبو أحمد الحاكم, والخطيب, وغيرهم, وما اقتصر عليه المِزِّي من أن كُنيته أبو عبد الرَّحمن فوهم. قاله العِرَاقي. وأبو عَمرو السَّيباني التَّابعي بالمُهملة المفتوحة, مُخضرم من أهل الشَّام اسمهُ زُرْعَة وهو عم الأوزاعي, و والد يحيى له عند البُخَاري في كتاب «الأدب» حديث واحد موقوف على عقبة. وكعَمرو بن زُرَارة, بفتح العين جماعة : منهم شَيْخ مسلم أبو مُحمَّد النَيْسابوري روى عنه الشَّيخان. وبضمها معروف بالحَدَثي قال الدَّارقُطْني: نسبة إلى مدينة بالثَّغر يقال لها: الحدث, وقال أبو أحمد الحاكم: إلى الحدثية, روى عنه البَغَوي وغيره. ومن أمثلته: حنان الأسَدي, وحيَّان الأسدي. الأوَّل بفتح المُهملة وتَخْفيف النُّون, من بني أسد بن شُريك, بضمِّ الشِّين البَصْري, روى عن أبي عُثْمان النَّهدي حديثًا مُرْسلا, روى عنهُ حجَّاج الصوَّاف وهو عم مُسرهَّد والد مُسدَّد. والثَّاني بتشديد التَّحتية ابن حُصين الكُوفي, أبو الهَيَّاج, تابعي أيضًا, له في «صحيح» مسلم حديث عن علي في الجنائز. وحيَّان الأسدي أبو النَّضر, شَامي تَابعي أيضًا, له في «صحيح» ابن حبَّان حديث عن واثلة. وأبو الرِّجَال الأنْصَاري, وأبو الرحَّال الأنصاري. الأوَّل بكسر الرَّاء وتخفيف الجيم, مُحمَّد بن عبد الرَّحمن, مَدَني, روى عن أُمِّه عمرة بنت عبد الرَّحمن, حديثه في «الصَّحيحين». والثَّاني بفتح الرَّاء وتشديد المُهْملة, مُحمَّد بن خالد, بَصْري له عند التِّرمذي حديث واحد عن أنس, وهو ضعيف. وابن عُفَير المِصْري, وابن غُفَير المِصْري, كلاهما مُصغَّر. الأوَّل بالمُهملة, سعيد بن كثير بن عُفير أبو عُثْمان, روى عنه البُخَاري. والثَّاني بالمُعْجمة اسمهُ الحُسين, متروك.
كيَزِيد بن الأسْودِ الصَّحَابي الخُزَاعي والجُرَشي المُخَضْرم المُشْتهر بالصَّلاح, وهو الَّذي اسْتَسْقَى به مُعَاوية, والأسْوَد بن يزيد النَّخعي التَّابعي الفَاضل. وكالوَليدِ بن مُسْلم التَّابعي البَصْري, والمَشْهُور الدِّمشقي صاحب الأوْزَاعي, ومُسْلم بن الوَلِيد بن رَبَاح المَدَني. النَّوع السَّادس والخَمْسُون : المُشتبه المقلوب. وهو مِمَّا يقع فيه الاشتباه في الذِّهن لا في الخط, والمُراد بذلك الرُّواة المُتشابهون في الاسم والنَّسب, المتمايزون بالتقديم والتأخير بأن يكون اسم أحد الراويين, كاسم أبي الآخر خطًّا ولفظًا, واسم الآخر كاسم أبي الأوَّل, فينقلب على بعض أهل الحديث. كما انقلبَ على البُخَاري ترجمة مسلم بن الوليد المَدَني, فجعله الوليد بن مسلم, كالوليد بن مسلم الدِّمشقي, وخطَّأهُ في ذلك ابن أبي حاتم في كتاب له في خطأ البُخَاري في «تاريخه»، حكاية عن أبيه. وصنَّف الخَطِيب في هذا النَّوع كتابًا سمَّاه «رفع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب». كيزيد بن الأسود الصَّحابي الخُزَاعي له في «السُّنن» حديث واحد قال ابن حبَّان: عِدَاده في أهل مَكَّة وقال المِزِّي: في الكوفيين. و يزيد بن الأسود الجرشي التَّابعي المُخضرم المُشتهر بالصَّلاح يُكنى أبا الأسود, سكن الشَّام وهو الَّذي استسقى به مُعاوية فسقُوا للوقت حتَّى كادوا لا يبلغون مََنازلهم. والأسود بن يزيد النَّخعي التَّابعي الكبير الفاضل حديثه في الكتب الستة. وكالوليد بن مسلم التَّابعي البصري روى عن جندب بن عبد الله. و الوليد بن مسلم المشهور الدِّمشقي, صاحب الأوزاعي روى عنه أحمد والناس. ومسلم بن الوليد بن رباح المَدَني روى عن أبيه وعنه الدَّراوردي, وانقلب اسمه على البُخَاري كما تقدَّم.
وهُمْ أقْسَامٌ: الأوَّل: إلى أُمِّه, كمُعَاذ, ومُعَوِّذ, وعَوْذ – ويُقال: عَوْف- بَنِي عَفْراء, وأبُوهُم الحَارثُ. وبلال بن حَمَامة, أبوه رَبَاح. سُهَيل, وسَهْل, وصَفْوان, بَنُو بَيْضاء, أبُوهم وَهْبٌ. شُرَحبيل بن حَسَنة, أبوهُ عبدُ الله بن المُطَاع. النَّوع السَّابع والخَمْسُون: معرفة المَنْسوبين إلى غير آبائهم. وفائدة هذا النَّوع دفع توهم التعدد عند نسبتهم إلى آبائهم وهم أقسام : الأوَّل : من نسبهُ إلى أُمِّه, كمُعاذ, ومعوِّذ, وعوذ ويقال: عوف بالفاء بني عَفْراء بنت عُبيد بن ثَعْلبة من بني النجَّار وأبوهم الحارث بن رِفَاعة بن الحارث من بني النجَّار أيضًا. وشهد بنو عفراء بدرًا, فقتل بها مُعوذ وعوف, وبقي مُعاذ إلى زمن عُثْمان وقِيلَ: إلى زمن علي, فتوفَّى بصفين, وقِيلَ: جُرح ببدر أيضًا, فرجع إلى المدينة فمات بها. وبلال بن حمامة الحَبَشي المؤذِّن أبوه رباح. سُهيل, وسَهْل, وصَفوان, بَنُو بَيْضَاء أبوهم وهب بن رَبِيعة بن عَمرو بن عامر القُرَشي الفِهْري, واسم بيضاء دعد. قال سُفْيان بن عُيَينة: أكبر أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم في السِّن أبو بَكْر, وسُهيل بن بَيْضاء, مات سُهيل وسَهْل في حياته صلى الله عليه وسلم، وصلَّى عليهما في المسجد كما في «صحيح» مسلم عن عائشة, وكانت وفاة سُهيل سَنَة تسع. شُرحبيل بن حَسَنة, أبو عبد الله بن المُطَاع الكندي, وحسنة مولاة لمَعْمر الجُمَحي. وما ذكرهُ المُصنِّف كابن الصَّلاح من أنَّها أُمه, جزمَ به غير واحد, وقال الزُّبَير بن بَكَّار: لَيْست أُمه, وإنَّما تبنته. ابنُ بُحَينةَ, أبوه مَالك. مُحمَّد بن الحَنفية, أبوهُ عَليِّ بن أبي طَالب. إسْمَاعيل بن عُلَية, أبوهُ إبْرَاهيم. الثَّاني: إلى جَدَّته, كيَعْلَى بن مُنية, كرُكْبة, هي أُم أبيه, وقِيلَ: أُمه. عبد الله ابن بُحينة, أبوه مالك بن القشب الأزْدي الأسدي, وهؤلاء صحابة. ومن التَّابعين فمن بعدهم: مُحمَّد بن الحنفية, أبوه علي بن أبي طالب واسم أُمه خولة, من بني حنيفة. إسماعيل بن عُلَية, أبوه إبْرَاهيم وعُلية أُمه بنت حسَّان مولاة بني شيبان, وزعم علي بن حُجْر: أنَّها ليست أُمه بل جدته أم أمه. وقد صنَّف في هذا القسم الحافظ علاء الدِّين مَغْلطاي تصنيفًا حسنًا في ثلاث وستين ورقة, وذكر المُصنِّف في «تهذيبه» أنَّه ألَّف فيه جُزءا, ولم نقف عليه. الثَّاني : من نُسب إلى جدَّته دُنيا أو عُليا: كيَعلَى بن مُنيَّة بضمِّ الميم وسُكون النون وتخفيف التحتية كركبة صَحَابي مشهور هي أم أبيه قاله الزُّبَير بن بكَّار وابن ماكولا وقِيلَ: أمه هو من زوائد المُصنِّف, وعُزي للجمهُور, والبُخَاري, وابن المَدِيني, والقَعْنبي, ويعقوب بن شَيْبة, وابن جرير, وابن قانع, والطَّبراني, وابن حبَّان, وابن منده, وآخرين, ورجَّحه المِزِّي وابن عبد البر. وقال ابن وضَّاح: أبوه, ووهَّموه, وهي بنت الحارث بن جابر, قاله ابن ماكولا. وقال الطَّبري: بنت جابر, عمَّة عُتبة بن غزوان. وقال الدَّارقُطْني: بنت غزوان أخت عتبة, ورجَّحه المِزِّي, وأبوه أمية بن أبي عبيد. بَشيرُ بن الخَصَاصية بِتَخْفيف اليَاء, هِيَ أُم الثَّالث من أجْدَادهِ, وقِيلَ: أُمُّه, أبوهُ مَعْبدٌ. الثَّالث: إلى جَدِّهِ, أبو عُبَيدة بن الجرَّاح رضي الله عنه عَامِر بن عبدُ الله بن الجَرَّاح. حَمَلُ بن النَّابِغَة, هو ابن مَالكِ بن النَّابِغَة, مُجَمَّع بالفَتْحِ والكَسْرِ ابن جَاريَةَ بالجِيم, هو ابنُ يَزِيدَ بن جَارِيةَ. بَشِير بن الخَصَاصية بتخفيف الياء صَحَابي مشهُور هي أُم الثَّالث من أجداده أي: ضباري الآتي وقِيلَ: أمه واسمها كَبْشة, وقِيلَ: مَارية بنت عَمرو بن الحارث الغطريف, أبوه معبد وقِيلَ: نذير, وقِيلَ: يزيد, وقِيلَ: شَرَاحيل بن سبع بن ضباري بن سدود بن شيبان بن ذهل. ومن ذلك من المُتأخِّرين: عبد الوهَّاب بن سُكينة, هي أم أبيه, وأبُوه علي بن علي. وابن تَيْمية, هي جدَّة عُليا من وادي التيم. الثَّالث: من نُسبَ إلى جدِّه منهم: أبو عُبيدة بن الجَرَّاح رضي الله عنه, عامر بن عبدُ الله بن الجَرَّاح. حَمَل بالحَاء المُهملة والميم المَفْتوحتين ابن النَّابغة هو: حَمَل بن مالك بن النابغة بن جارية بن ربيعة الهُذَلي أبو نَضْلة, له رواية, عاشَ إلى خِلافة عُمر. وفي الصَّحَابة أيضًا: حَمَل بن سَعْدَانة الكَلْبي, من أهل دَوْمة الجَنْدل, لا ثالثَ لهُمَا في الاسم. مُجَمِّع بالفتح والكسر ابن جَارية, بالجيم والتحتية هو ابن يزيد بن جارية هؤلاء صحابة. ابنُ جُرَيج: عبدُ المَلكِ بن عبد العَزِيز بن جُرَيج. بَنُو المَاجِشُون, بكسر الجيم وضَمِّ الشِّين, منهُم: يُوسفُ بن يَعْقُوب بن أبي سَلَمة المَاجِشُون, هو لقَبُ يَعْقُوب جَرَى على بَنيهِ وبَنِي أخيهِ عبدُ الله بن أبي سَلَمة المَاجِشُون, ومَعْناهُ الأبْيَض والأحْمَر. ابنُ أبي لَيْلَى الفَقيه: مُحمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى. ابنُ أبي مُلَيْكَة: عبدُ الله بن عبيد الله بن أبي مُلَيكة. أحمدُ بن حَنْبل, هو ابنُ مُحمَّد بن حَنْبل. بَنُو أبي شَيْبة: أبو بَكْر وعُثمان والقَاسمُ بنو مُحمَّد بن أبي شَيْبة. الرَّابع: إلى أجْنَبي لسَببٍ, كالمِقْداد بن عَمرو الكِنْدي, يُقَال له: ابنُ الأسْوَد, لأنَّه كانَ في حِجْر الأسْوَدِ بن عَبْد يَغُوث فتبنَّاه, والحَسنُ بن دينَارٍ هو زَوْجُ أُمِّه, وأبُوهُ واصِلٌ. ابن جُرَيج: عبد الملك بن عبد العَزيز بن جُرَيج. بَنُو المَاجِشُون بكسر الجيم وضم الشين المُعجمة منهم: يُوسف بن يعقوب بن أبي سَلَمة المَاجِشُون, هو لقب يعقوب, جرى على بنيه وبني أخيه عبدُ الله بن أبي سَلَمة, ومعناهُ بالفارسية الأبيض والأحْمَر. ابن أبي ليلى الفَقِيه: مُحمَّد بن عبد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى. ابن أبي مليكة: عبدُ الله بن عُبيد الله بن أبي مُليكة. أحمد بن حنبل, هو ابن مُحمَّد بن حَنْبل. بَنُو أبي شَيْبة: أبو بَكْر وعُثمان الحافظان والقاسم بَنُو مُحمَّد بن أبي شَيْبة إبْرَاهيم بن عُثْمان الواسطي. الرَّابع : من نُسب إلى أجنبي لسبب : كالمِقْداد بن عَمرو بن ثَعْلبة الكِنْدي, يُقال له: ابن الأسْود, لأنَّه كان في حِجْر الأسْود بن عَبْد يَغُوث فتبناه فنُسبَ إليه. الحَسَن بن دينار أحدُ الضُّعفاء هو زَوْج أُمِّه, وأبوه واصل. قال ابن الصَّلاح: وكأنَّ هذا خفي على ابن أبي حاتم حيث قال: هو الحسن بن دينار بن واصل, فجعل واصلاً جده. وقال العِرَاقي: جعلَ بعضهم دينارًا جده, وأبَاهُ واصلاً.
أبُو مَسْعُود البَدْريُّ: لَمْ يَشْهَدها في قَوْلِ الأكْثَرين, بَلْ نَزَلها. سُلَيمان التَّيْمي, نزلَ فيهم, ليسَ منهُم. أبو خَالد الدَّالاني, نَزَلَ في بَنِي دَالانَ بَطْن مِنْ هَمَدان, وهُو أسَدِي مَوْلاهُم. النَّوع الثَّامن والخَمْسُون: النِّسب الَّتي على خلاف ظاهرها. قد يُنْسب الرَّاوي إلى نِسْبة من مكان, أو وقعة به, أو قَبِيلة, أو صَنْعة, وليسَ الظَّاهر الَّذي يَسْبق إلى الفَهْم من تلكَ النِّسبة مرادًا, بل لعارض عرضَ من نُزوله ذلكَ المكان, أو تلك القَبِيلة, ونحو ذلك. من ذلك: أبو مَسْعُود عُقبة بن عَمرو الأنْصَاري الخَزْرجي البَدْري, لم يشهدها أي: بدرًا في قول الأكثرين منهم: الزُّهْري, وابن إسْحَاق, والواقدي, وابن سعد, وابن مَعِين, والحَرْبي, وابن عبد البر, بل نزلها. وقال الحربي: سَكَنها. وقال البُخَاري: شهدها, واختارهُ أبو عُبيد القاسم بن سلام, وجزمَ به الكلبي, ومُسْلم في «الكنى» وآخرون. سُليمان بن طَرْخان التيمي أبو المُعتمر نزل فيهم أي: في بني تيم ليس منهم. أبو خالد الدَّالاني, نزلَ في بَنِي دَالان بَطْن من هَمَدان, وهُو أسَدي, مولاهم. إبْرَاهيمُ الخُوزيُّ, بضمِّ المُعْجمة, وبالزَّاي, ليسَ من الخُوزِ, بَلْ نَزَلَ شِعْبهُم بمكَّة. عبدُ المَلك العَرْزميُّ, نزلَ جَبَّانةَ عَرْزَم, قَبيلة مِنْ فَزَارَة بالكُوفة. مُحمَّد بن سِنَان العَوَقي بفَتْحها, وبالقَاف, بَاهِليٌّ نَزلَ في العَوَقة, بَطْنٌ من عبد القَيْس. أحمدُ بن يُوسف السُّلَميُّ, عنهُ مُسْلم, هو أزْديٌّ, وكَانت أُمُّه سُلَميةً. وأبو عَمْرو بن نُجَيد السُّلَمي كذلك, فإنَّه حافدُهُ, وأبو عبد الرَّحمن السُّلَمي الصُّوفي كذلك, فإنَّ جدهُ ابنُ عمِّ أحمد بن يُوسف, كانَتْ أُمُّه بنتُ أبي عَمرو المَذْكُور. مِقْسمٌ مَوْلَى ابن عبَّاس, هو مَوْلَى عبدُ الله بن الحَارث, قيل: مَوْلَى ابن عبَّاس للزُومهِ إيَّاهُ. يَزِيد الفَقِير, أُصيب في فَقَار ظَهْره. خَالد الحَذَّاء, لم يَكُن حَذَّاء, وكانَ يَجْلس فيهم. إبْرَاهيم بن يزيد الخُوزي, بضمِّ المُعجمة وبالزَّاي, ليسَ من الخُوز, بل نَزلَ شِعْبهم بمكَّة. عبد الملك بن أبي سُليمان العَرْزمي, نزلَ جبَّانة عَرْزم وهي قَبِيلة من فزَارة بالكوفة فنُسب إليهم. مُحمَّد بن سِنَان العَوَقي بفتحها أي الواو وبالقاف باهلي, نزلَ في العَوَقة بطنٌ من عبد القيس فنسب إليهم. أحمد بن يُوسف السُّلَمي الَّذي روى عنه مُسلم, هو أزدي, وكانت أُمه سُلَمية فنُسب إليهم. وأبو عَمرو بن نُجَيد كذلك, فإنَّه حافده أي: ولد ولده. وأبو عبد الرَّحمن السُّلَمي الصُّوفي كذلك, فإنَّ جده ابن عم أحمد بن يوسف, كانت أُمه بنت أبي عَمرو بن نُجَيد المذكُور. مِقْسم مولى ابن عبَّاس, هو مولى عبد الله بن الحارث, قيلَ له: مَوْلَى ابن عبَّاس للزُومه إيَّاه. يزيد الفَقِير, أُصيب في فَقَاز ظَهْره وكان يَشْكُو منه, فقيل له ذلك. خالد بن مهران الحَذَّاء لم يكن حذَّاء, وكان يَجْلس فيهم فقيل له ذلك, وقِيلَ: كان يقول: احذ على هذا النحو, فلقِّب بذلك.
صَنَّف فيهِ عبدُ الغَني, ثُمَّ الخَطِيب, ثُمَّ غيرهُمَا, وقَدْ اخْتَصَرتُ أنَا كتَاب الخَطِيب وهذَّبته ورَتَّبته تَرْتيبًا حَسَنًا, وضَممتُ إليه نَفَائس. النَّوع التاسع والخَمْسُون: المُبْهمات. أي: معرفة من أُبهم ذكرهُ في المَتْن أو الإسْنَاد من الرِّجَال والنِّساء. صنَّف فيه الحافظ عبد الغَنِي بن سعيد المِصْري ثُمَّ الخَطِيب فذكر في كِتَابه مئة وأحدًا وسبعين حديثًا, ورتَّب كِتَابه على الحُروف في الشَّخص المُبْهم, وفي تَحْصيل الفَائدة منهُ عُسر, فإنَّ العارف باسم المُبهم لا يحتاج إلى الكَشْف عنهُ والجَاهلُ به لا يَدْري مظنَّته. ثمَّ غيرهما كأبي القَاسم بن بَشْكوال, وهو أكبر كِتَاب في هذا النَّوع وأنْفَسهُ, جمعَ فيه ثلاث مئة وأحدًا وعشرين حديثا, لكنَّه غير مُرتَّب, وكأبي الفَضْل ابن طاهر, ولكنَّه جمع فيه ما ليسَ من شَرْط المُبْهمات. قال المُصنِّف: وقد اختصرتُ أنا كتاب الخطيب, وهذَّبته ورتَّبته ترتيبًا حسنًا على الحُروف في راوي الحديث, وهو أسهل للكشف وضممتُ إليه نفائس أُخر زيادة عليه. ومع ذلك فالكَشْف منهُ قد يَصْعُب, لعدم اختصار اسم صحابي ذلك الحديث, وفاته أيضًا الجم الغفير. فجمعَ الشَّيخ ولي الدِّين العِرَاقي في ذلك كتابًا سمَّاه «المُسْتفاد من مُبْهمات المتن والإسناد» جمعَ فيه كتاب الخَطِيب وابن بَشْكوال والمُصنِّف, مع زِيادات أُخر, ورتَّبه على الأبواب, وهو أحسن ما صُنَّف في هذا النَّوع. ومن النَّاس من أفرد لمُبْهماته كتاب مَخْصوص, كشيخ الإسْلام في «مُقدمة شرح البخاري» عقد فيها فصلاً لمبهماته استوعبت ما وقع فيه. قال الشَّيْخ ولي الدين: ومن فوائد تبيين الأسماء المُبْهمة: تحقيق الشَّيء على ما هو عليه, فإن النَّفس متشوقة إليه. وأن يَكُون في الحديث منقبة له, فتُسْتفاد بمعرفة فضيلته. وأن يَشْتمل على نسبة فعل غير مناسب, فيحصل بتعيينه السَّلامة من جولان الظَّن في غيره من أفاضل الصَّحَابة, وخُصوصًا إذا كان ذلك من المُنافقين. وأن يَكُون سائلاً عن حُكم عارضه حديث آخر, فيُسْتفاد بمعرفته, هل هو ناسخ أو مَنْسوخ, إن عرف زمن إسلامه. وإن كان المُبْهم في الإسْنَاد, فمَعْرفته تُفيد ثقته أو ضعفه, ليُحْكم للحديث بالصحَّة أو غيرها. ويُعْرف بورُودهِ مُسَمَّى في بعض الرِّوَايات. وهُو أقْسَامٌ: أبْهَمها رَجُلٌ أو امْرَأةٌ, كحديث ابن عبَّاس: أنَّ رَجُلاً قال: يا رَسُول الله الحَجُّ كلَّ عَام؟ هُو الأقْرَع بن حَابِس. ويُعرف المُبْهم بورُوده مُسمَّى في بعض الرِّوايات وذلك واضح وبتَنْصيص أهل السِّير على كثير منهم, وربَّما استدلُّوا بورود حديث آخر أسند فيه لمُعين ما أسند لذلك الرَّاوي المُبهم في ذلك. قال العِرَاقي: وفيه نَظَر لجَوَاز وقُوع تلك الواقعة لاثنين. وهو أقسام : الأوَّل: وهو أبهمها رجل, وامرأة أو رجلان, أو امرأتان, أو رجال, أو نساء. كحديث ابن عبَّاس: أنَّ رَجُلاً قال: يا رَسُول الله الحجُّ كلِّ عام؟ هو الأقرع بن حابس بن عقال, قاله الخَطِيب. واقتصر عليه المُصنِّف في كتاب «المُبْهمات» وكذا سُمِّي في «مسند» أحمد وغيره. وقِيلَ: هو سُراقة بن مالك, كذا في حديث سُفْيان من رواية ابن المُقرئ. وقِيلَ: عُكاشة بن محصن, قاله ابن السَّكن. وحديث: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم رأى رَجُلا قائمًا في الشَّمس... الحديث. قال الخَطِيب: هو أبو إسرائيل قَيْصر العَامري. قال عبد الغني: ليسَ في الصَّحَابة رضي الله عنهم من يُشَاركه في اسمه وكنيته, ولا يُعرف إلاَّ في هذا الحديث. ومن ذلك في الإسناد, ما رواه أبو داود من طريق حجَّاج بن فُرَافصة, عن رَجُل, عن أبي سَلَمة, عن أبي هُرَيرة: «المُؤمنُ غرٌّ كَريم...». يُحتمل أنَّ هذا الرَّجُل: يَحْيى بن أبي كثير, فقد رواه أبو داود والتِّرمذي من حديث بِشْر بن رافع عنه, عن أبي سَلَمة, عن أبي هُرَيرة. وحَديث السَّائلة عن غُسْل الحَيْض, فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «خُذِي فِرْصَةً...» هي أسْمَاء بنت يزيد بن السَّكن, وفي رِوَاية لمُسْلم: أسْمَاء بنت شَكَل. وحديث السَّائلة عن غُسْل الحيض, فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «خُذي فرصة مِنْ مِسْك فتَطَهري بها...» الحديث. رواه الشَّيخان من رواية منصور بن صَفية عن أُمه, عن عائشة: أنَّ امرأة سَألت النَّبي صلى الله عليه وسلم عن غُسْلها من الحيض, فذكره. هي أسْماء بنت يزيد بن السَّكن الأنْصَارية, قاله الخَطِيب وغيره. وفي رواية لمسلم: أسْمَاء بنت شَكَل بفتح المعجمة والكاف, وقِيلَ: بسكون الكاف. قال المُصنِّف في «مبهماته»: فيُحتمل أن تَكُون القِصَّة جرت للمرأتين في مَجْلس أو مَجْلسين. وحديث البُخَاري عن عائشة أيضًا: دخلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، فرأى امْرأة, فقال: «مَنْ هذه؟» فقلت: فُلانة لا تَنَام, فقال: «مَهْ...» الحديث. قال الخَطِيب: هي الحَوْلاء بنت تُويت بن حبيب بن أسد بن عبد العُزَّى, وذلك مُصرَّح به عند مسلم. وحديثه في ليلة القدر: «فَتَلاحى رَجُلان...». هُمَا: كعب بن مالك, وعبد الله بن أبي حَدْرد, قاله ابن دحية. وحديث أبي هُرَيرة: أنَّ امرأتين من هُذَيل اقْتَتلتَا... الحديث. اسمُ الضَّاربة أُم عفيف بنت مسروح, وذات الجنين مُليكة بنت عُويمر, وقِيلَ: عويم. وحديث: إنَّ عُبَادة بن الصَّامت, وهُو أحد النُّقباء ليلة العقبة... الحديث. بقية النُّقَباء: أسعد بن زُرَازة, وسعد بن الرَّبيع, وسعد بن خَيْثمة, وسعد بن عُبَادة, والمُنْذر بن عَمرو, وعبد الله بن رَوَاحة, والبَرَاء بن مَعْرُور, وأبو الهَيْثم بن التَّيهان, وأُسَيد بن حُضَير, وعبد الله بن عَمرو بن حَرَام, ورافع بن مالك. وحديث أُم زَرْع بِطُوله. الأولى والتَّاسعة لم يُسَميا, والثَّانية: عَمْرة بنت عَمرو, والثَّالثة: حبي بنت كعب, والرَّابعة: مهدد بنت أبي هرمة, والخامسة: كَبْشة, والسَّادسة: هِنْد, والسَّابعة حبي بنت عَلْقمة, والثَّامنة دَوْس بنت عبد- ويُروى أسماء بنت عبد – والعاشرة: كَبْشة بنت الأرْقم, والحَادية عَشْرة: أُم زَرْع بنت أكميل بن سَاعدة, وقِيلَ: عاتكة. الثَّاني: الابنُ والبِنتُ, كحَدِيث أُم عَطِيةَ في غَسْل بنت النَّبي صلى الله عليه وسلم بمَاء وسِدْر. هِيَ: زَيْنب رضي الله تعالى عَنْها. ابن اللُّتْبية: عبد الله, إلى بَنِي لُتْب, بإسكان التَّاء, وقِيلَ: الأتبية, ولا يصح. ابن أُمِّ مَكْتُوم: عبدُ الله, وقِيلَ: عَمرو, وقِيلَ غيره, واسْمُها عَاتكة. الثَّاني: الابن والبنت والأخ والأخت, والابنان والأخوان, وابن الأخ وابن الأخت. كحديث أُمِّ عَطِية في غَسْل بنت النَّبي صلى الله عليه وسلم بمَاء وسِدْر. وهي زينب رضي الله تعالى عنها زَوْجة أبي العَاص بن الرَّبيع. ابن اللُّتْبية الَّذي اسْتَعمله النَّبي صلى الله عليه وسلم على الصَّدقة, فقال: هذا لَكُم, وهذا لي. اسمه عبد الله كما في «صحيح» البُخَاري, وهذه النِّسبة إلى بني لُتب بإسكان التاء الفوقية وضم اللام, بطنٌ من الأزد وقِيلَ: فيه: ابن الأتبية بالهمزة ولا يصح. ابن أم مكتوم تكرر في الأحاديث, اسمه عبد الله بن زائدة, قاله قَتَادة, ورجَّحهُ البُخَاري وابن حبَّان. وقِيلَ: عَمرو بن قَيْس, حكاهُ ابن عبد البر عن الجمهور, منهم: الزُّهْري, وابن إسْحَاق, ومُوسى بن عقبة, والزُّبير بن بكَّار, وأحمد بن حَنْبل, ورجَّحه ابن عَسَاكر والمِزِّي, وجعل زائدة جده. قال ابن حبَّان وغيره: من قال: ابن زائدة, فقد نسبهُ إلى جده. وقِيلَ غيره فقيلَ: عبد الله بن شُرَيح بن قيس بن زائدة, واختاره ابن أبي حاتم, وحكاهُ عن ابن المَدِيني, والحُسَين بن واقد. وقِيلَ: عبد الله بن عَمرو بن شُرَيح بن قيس بن زائدة. وقِيلَ: عبد الله بن الأصم. قال ابن حبَّان: وكان اسمه الحُصَين, فسمَّاه النَّبي صلى الله عليه وسلم عبد الله. و أمه اسمها عاتكة. ومن ذلك: حديث: أنَّ عُمر رأى حُلَّة سيراء... الحديث. وفيه: فَكَساها عُمر أخًا لهُ مُشْركا بمَكَّة. هو أخُوه لأمِّه: عُثْمان بن حَكِيم بن أُمَّية السلمي, قاله ابن بَشْكوال. وحديث: رِبْعي بن حِرَاش, عن امرأته, عن أُخت حُذيفة في التَّحلي بالفِضَّة. هي: فاطمة, وقِيلَ: خولة. وحديث: عُقبة بن عامر قلتُ: يا رَسُول الله إنَّ أُختِّي نَذَرت أن تَمْشي... الحديث. هي أم حِبَّان بالكسر والمُوحَّدة بنت عامر, ذكره ابن ماكولا. وحديث اليهود: فأسلمَ منهُم ابنا سُعَية. أحدهما: ثَعْلبة, والآخر أسد, أو أسيد, أو أُسَيد, أقوال. وحديث: قول أبي بَكْر لعائشة: إنَّما هُمَا أخَوَاك وأخْتَاك. هم عبد الرَّحمن, ومحمَّد وأسْمَاء, وأم كلثوم. وحديث: جَاءت أُم كُلثوم بنت عُقبة بن أبي مُعَيط مُسْلمة, فجاء أخَوَاها يَطْلبانها. هُمَا: عمارة, والوليد ابنا عُقبة. قاله ابن هِشَام وغيره. وحديث: «هَلْ في البَيْت إلاَّ قُرَشي؟» قالوا: غير ابن أختنا... الحديث. هو: النُّعْمان بن مُقَرِّن. الثَّالث: العَمُّ والعَمَّةُ, كَرَافع بن خَدِيج عن عَمِّه, هو: ظُهَير بن رَافعٍ. زِيَاد بن عِلاقَةَ عن عمِّه, هو: قُطْبة بن مَالك. عَمَّة جَابر الَّتي بَكَت أبَاهُ يوم أُحُد, هي: فَاطمةُ بنت عَمرو, وقِيلَ: هِنْد. الثَّالث: العم والعمَّة قال ابن الصَّلاح: ونحوهما, أي: كالخال والخالة, والأب والأم, والجد والجدة, وابن أو بنت العم والعمة, والخال والخالة. كرافع بن خَدِيج عن عمِّه في النَّهْي عن المُخَابرة. هو ظُهَير بضم الظَّاء المُعْجمة ابن رافع بن عَدي, وقِيلَ: أسيد بن ظُهير بن الحارث. زياد بن عِلاقة عن عمِّه مرفُوعًا: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بكَ من مُنْكرات الأخلاق...» الحديث. رواهُ التِّرمذي. هُو قُطْبة بن مَالك الثَّعْلبي كما في «صحيح» مسلم في حديث آخر. ومن ذلك عمَّة جابر الَّتي بَكَت أبَاهُ لمَّا قُتل يوم أُحد كما في «الصَّحيح». هي فَاطمة بنت عَمرو بن حَرَام, وقعت مُسَمَّاة في «مسند» الطَّيالسي. وقيلَ: هند قاله الواقدي. ومن ذلك: حديث ابن عبَّاس: أهدت خَالتي إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم سَمْنا وأقطًا وأضبًّا. قيلَ: اسمها هُزَيلة, وقِيلَ: حُفَيدة بنت الحارث, وتُكْنى أُم حُفَيد, وقِيلَ: أم عفيق. وحديث أبي هُرَيرة: كنتُ أدعو أُمِّي إلى الإسلام... الحديث. اسمها أُميمة بنت صبيح بن الحارث بن دَوْس, قالهُ ابن قُتيبة. وحديث: أم كردم بن سُفْيان قال: يا رَسُول الله خرجتُ أنا وابن عم لي في الجاهلية, فحفي فقال: من يُعطيني نَعْلاً أُنكحهُ ابْنَتي... الحديث. قال الخَطِيب: ابن عمَّه ثابت بن المرفع. وحديث نافع: تزوَّج ابن عُمر بنت خاله عُثْمان بن مَظْعُون, فقالت أُمها: بنتي تكره ذلك. اسم بنت خَاله زَيْنب, وأُمها خَوْلة بنت حكيم بن أُمية. الرَّابع: الزَّوْج والزَّوْجة, زَوْج سُبَيعة: سَعْد بن خَوْلة. زَوْج بَرْوَع بالفَتْح, وعند المُحدِّثين بالكَسْر هِلال بن مُرَّة. الرَّابع: الزَّوج والزَّوجة والعَبْد وأُم الولد زَوْج سُبَيعة الأسْلَمية الَّتي ولدت بعد وفَاته بليال... الحديث. في «الصَّحيحين». هو سعد بن خَوْلة. زوج بَرْوَع بنت واشق بالفتح للباء عند أهل اللغة وعند المُحدِّثين بالكسر هو هلال بن مُرَّة الأشْجَعي. ومثَّل ابن الصَّلاح للزَّوجة بزوجة: عبد الرَّحمن بن الزُّبَير, الَّتي كانت تحت رفاعة القُرَظي فطلَّقها. اسمهَا تميمة بنت وهب, وقِيلَ: تُميمة بضم التاء. وقِيلَ: سهيمة. ومثالُ أُم الولد: حديث أم ولد لإبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف: أنَّها سألت أُم سَلَمة, فقالت: إنِّي أُطيل ذيلي وأمشي... الحديث. هي: حُميدة, ذكره النَّسَائي. ومثالُ العبد: حديث جابر: أنَّ عبدًا لحاطب قال: يا رَسُول الله ليَدْخُلن حاطب النَّار. اسمهُ سَعْد.
تنبيه: من المُبْهم ما لم يُصرِّح بذكرهِ, بل يَكُون مفهومًا من سِيَاق الكلام, كَقول البُخَاري: وقال مُعَاذ: اجْلس بِنَا نُؤمن سَاعة. فالمَقُول له ذلك مُطْوى, وهو: الأسْوَد بن هلال.
هُو فَنٌّ مُهمٌّ, بهِ يُعْرف اتِّصال الحَديثِ وانْقِطاعهُ, وقد ادّعَى قومٌ الرِّواية عن قَوْمٍ, فنُظرَ في التَّاريخ, فظهَرَ أنَّهُم زَعَمُوا الرِّواية عنهُم بعدَ وفَاتِهِمْ بسنينَ. النَّوعُ السِّتون: التواريخ لمواليد الرُّواة, والسَّماع, والقُدوم للبلد الفُلاني والوفيات لهم. هو فنٌّ مهم, به يُعرف اتِّصال الحديث وانْقطَاعهِ وقد ادَّعى قومٌ الرِّواية عن قوم, فنُظر في التَّاريخ, فظهرَ أنَّهم زَعَمُوا الرِّواية عنهم بعد وفاتهم بسنين. كما سألَ إسْماعيل بن عيَّاش رَجُلاً اختبارًا: أي سَنَة كتبتَ عن خالد بن مَعْدان؟ فقال: سَنَة ثلاث عشرة ومئة, فقال: أنت تزعُم أنَّك سمعت منه بعد موته بسبع سنين. فإنَّه مات سَنَة ست ومئة, وقِيلَ: خمس, وقِيلَ: أربع, وقِيلَ: ثلاث, وقِيلَ: ثَمَان. وسأل الحاكم مُحمَّد بن حاتم الكسي عن مولده, لمَّا حدَّث عن عبد بن حُميد, فقال: سَنَة ستين ومئتين, فقال: هذا سمع من عبد بعد موته بثلاث عشرة سَنَة. قال حفص بن غِيَاث القاضي: إذا اتَّهمتم الشَّيْخ, فحاسبوه بالسِّنين, يعني سنه, وسن من كتب عنه. وقال سُفْيان الثَّوري: لمَّا استعمل الرُّواة الكذب, اسْتعملنا لهم التَّاريخ. وقال حسَّان بن يزيد: لم نستعن على الكَذَّابين بمثل التاريخ, نقول للشَّيخ: سَنَة كم وُلدت, فإذا أقرَّ بمولده عرفنا صِدْقه من كَذبه. وقال أبو عبد الله الحُمَيدي: ثلاثة أشياء من عُلوم الحديث يجب تقديم التَّهَمُّم بها: العلل, والمُؤتلف والمُختلف, ووفيات الشِّيوخ, وليس فيه كتاب. يعني على الاستقصاء, وإلاَّ ففيه كُتب, «كالوفيات» لابن زَبْر, ولابن قَانع, وذيَّلَ على ابن زَبْر الحافظ عبد العزيز بن أحمد الكتَّانى, ثمَّ أبو مُحمَّد الأكفانى, ثمَّ الحافظ أبو الحسن بن المُفَّضل, ثمَّ المُنْذري, ثمَّ الشَّريف عز الدِّين أحمد بن مُحمَّد الحُسَيني, ثمَّ المُحدِّث أحمد بن أيبك الدِّمياطي, ثمَّ الحافظ أبو الفَضْل العِرَاقي. فُرُوعٌ: الأوَّل: الصَّحيح في سنِّ سيِّدنا مُحمَّد سَيِّد البَشر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وصَاحبيهِ أبي بَكْر وعُمر رَضِي الله عنهُمَا: ثَلاثٌ وسِتُّون, وقُبِضَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ضُحَى الاثْنَينِ, لثِنْتي عَشْرَة خَلَتْ, من شَهْر رَبيع الأوَّل, سَنَة إحْدَى عَشْرةَ من هِجْرتهِ صلى الله عليه وسلم إلى المَدِينةِ. فُروعُ في عُيون من ذلك: الأوَّل: في وفاة النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه العَشْرة: الصَّحيح في سنِّ سيدنا مُحمَّد سيِّد البشر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعُمر رضي الله عنهما: ثلاث وستون سَنَة. قاله الجمهور من الصَّحَابة والتَّابعين فمن بعدهم, وصحَّحه ابن عبد البر والجمهور. وقِيلَ: سن النَّبي صلى الله عليه وسلم سِتُون, رُوي عن أنس وفاطمة البَتُول وعُرْوة بن الزُّبَير ومالك. وقِيلَ: خمس وستُّون, رُوي عن ابن عبَّاس وأنس أيضًا, ودغفل بن حنظلة. وقِيلَ: اثنتان وستُّون, قاله قَتَادة. وحُكي الآخران أيضًا في أبي بكر, وحُكي الأوَّل في عُمر. وقِيلَ: عاشَ عُمر ستًّا وستين, وقِيلَ: إحدى وستين, وقِيلَ: تسعًا وخمسين, وقِيلَ: سبعًا وخمسين, وقِيلَ: ستًّا وخمسين, وقِيلَ: خمسًا وخمسين. وقُبضَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ضُحى يوم الاثْنين, لثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأوَّل, سَنَة إحدى عَشْرة من هِجْرته صلى الله عليه وسلم إلى المَدِينة لا خِلاف بين أهل السِّير في ذلك, إلاَّ في تعيين اليوم من الشَّهر, فالجمهُور على ما ذكرهُ المُصنِّف أنَّه في يوم الثَّاني عشر. وقال مُوسى بن عُقْبة والليث بن سعد: مُسْتهل الشَّهر. وقال سُليمان التَّيمي: ثانيه. قال العِرَاقي: والقَوْل الأوَّل, وإن كان قول الجمهور, فقد استشكله السُّهَيلي من حيث التاريخ, وذلك لأنَّ يوم عَرَفة في حجَّة الودَاع كان يوم الجُمعة بالإجْمَاع, لحديث عُمر المُتَّفق عليه, وحينئذ فلا يُمْكن أن يَكُون ثاني عشر ربيع الأوَّل من السَّنة الَّتي تليها يوم الاثنين, لا على تقدير كمال الشهور, ولا نَقْصها, ولا كمال بعض, ونقص بعض, لأنَّ ذا الحجة أوَّله الخميس, فإن نقصَ هو والمحرم وصفر, كان ثاني عشر ربيع الأوَّل يوم الخميس, وإن كملت الثَّلاثة فثاني عشره الأحد, وإن نقص بعض, وكمل بعض, فثاني عشره الجُمعة أو السَّبت. قال: وقد رأيتُ بعض أهل العلم يُجيب بأن تفرض الشُّهور الثَّلاثة كوامل, ويكون قولهم: لاثنتي عشرة ليلة خلت منهُ, أي: بأيامها كاملة, فيكون وفاته بعد استكمال ذلك, والدخول في الثَّالث عشر. قال: وفيه نظر من حيث أن الَّذي يظهر من كلام أهل السِّير نُقْصان الثَّلاثة, أو اثنين منهما, بدليل ما رواه البَيْهقي بسندٍ صحيح إلى سُليمان التَّيمي أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صَفَر, وكان أوَّل يوم مرض فيه يوم السَّبت, وكانت وفاته اليوم العاشر, يوم الاثنين, لليلتين خلتا من ربيع, وهذا يدل على أنَّ أوَّل صَفَر السَّبت فلزم نُقْصان ذي الحجة والمُحرم. وقوله: كانت وفاته صلى الله عليه وسلم يوم العاشر, أي: من مرضهِ, فيدل على نُقْصان صفر أيضًا. روى الواقدي عن أبي مَعْشر, عن مُحمَّد بن قَيْس قال: اشتكى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صَفَر... إلى أن قال: اشتكى ثلاثة عشرة يومًا, وتوفَّي يوم الاثنين, لليلتين خلتا من ربيع. فهذا يَدُل على نقص الشَّهر أيضًا, إلاَّ أنَّه جعل مُدَّة مرضه أكثر مِمَّا في حديث التَّيمي. ويُجمع بينهما بأنَّ المُرَاد بهذا ابتداء مرضهِ وبالأوَّل اشتداده, والواقدي وإن ضُعِّف في الحديث, فهو من أئمة السِّير, وأبو مَعْشر نَجِيح مُختلف فيه. وروى الخَطِيب في «الرُّواة عن مالك» من رواية سعيد بن مَسْلمة بن قُتيبة البَاهلي, حدَّثنا مالك, عن نافع, عن ابن عُمر قال: لمَّا قُبضَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مرضَ ثَمانية, فتوفَّى لليلتين خَلتَا من ربيع الأوَّل... الحديث. فاتَّضح أنَّ قول التَّيمي ومن وافقه راجح من حيث التاريخ. قال: وقول المُصنِّف كابن الصَّلاح: ضُحَى, يُشكل عليه ما في «صحيح» مسلم من رواية أنس: آخر نَظْرة نَظَرتُها إلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم... الحديث. وفيه: توفَّى من آخر ذلك اليوم, وهذا يَدُل على أنَّه تأخَّر بعد الضُّحى, ويجمع بينهما بأن المُرَاد أوَّل النصف الثَّاني, فهو آخر وقت الضحى, وهو من آخر النهار, باعتبار أنَّه من النِّصف الثاني, ويدل عليه ما رواه ابن عبد البر, بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: مات رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ارتفاع الضحى, وانْتصَاف النهَّار يوم الاثنين. وذكر مُوسى بن عُقْبة في «مغازيه» عن ابن شهاب: توفَّى يوم الاثنين, حين زالت الشَّمس. ومنْهَا التَّاريخ. ومنها أي: من الهِجْرة التاريخ هذه فائدة زادها المُصنِّف. روى البُخَاري في «صحيحه» عن سهل بن سعد قال: ما عدُّوا من مَبْعث النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولا من مُتوفَّاه, إنَّما عَدُّوا من مَقْدمه المَدِينة. وروى في «تاريخه الصَّغير» عن ابن عبَّاس قال: كان التَّاريخ في السَّنة الَّتي قدم فيها النَّبي صلى الله عليه وسلم. وروى أيضًا عن ابن المُسيب قال عُمر: مَتَى نكتب التَّاريخ؟ فجمع المُهَاجرين, فقال له علي: من يوم هَاجرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم فكتب التَّاريخ. ورَوَى ابن أبي خَيْثمة في «تاريخه» عن ابن سِيرين: أنَّ رَجُلا من المُسْلمين قدمَ من اليَمن, فقال لعُمر: رأيتُ باليَمن شيئًا يُسمُّونه التَّاريخ, يكتُبون من عام كذا, وشهر كذا, فقال عُمر: إنَّ هذا لحَسَن فأرِّخوا, فلمَّا أجمع على أن يُؤرِّخ شَاورَ, فقال قومٌ: بمولد النَّبي صلى الله عليه وسلم، وقال قَوْمٌ: بالمَبْعث, وقال قَوْمٌ: حين خرج مُهاجرًا من مَكَّة, وقال قائل: بالوفَاة, حين توفَّى, فقال: أرِّخُوا خُروجه من مَكَّة إلى المدينة. ثمَّ قال: بأي شَهْر نَبْدأ فنُصيره أوَّل السَّنة؟ فقالوا: رجب, فإنَّ أهل الجاهلية كانُوا يُعظِّمونه. وقال آخرون: شهر رمضان. وقال آخرون: ذو الحجة, فيه الحج. وقال آخرون: الشَّهر الَّذي خرج فيه من مَكَّة. وقال آخرون: الشَّهر الَّذي قدمَ فيه. فقال عُثْمان: أرِّخُوا من المُحرَّم أوَّل السَّنة, وهو شهر حرام, وهو أوَّل الشُّهور في العِدَّة, وهو مُنْصرف النَّاس عن الحج. فصيَّرُوا أوَّل السَّنة المُحرم, وكان ذلك في سَنةِ سبع عشرة. وقد روى سعيد بن منصُور في «سُننه» بسند حسن, عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: {والفَجْر} قال: الفجر شهر المُحَّرم, وهو فجر السَّنة. قال شيخ الإسلام ابن حَجَر في أماليه: بهذا يحصل الجواب عن الحِكْمة في تأخر التاريخ من ربيع الأوَّل إلى المُحَّرم, بعد أن اتَّفقوا على جعل التاريخ من الهجرة, وإنَّما كانت في ربيع الأول. انتهى. وروى ابن عساكر في «تاريخه» بسنده عن ميمون بن مهران قال: رُفع إلى عُمر صَكٌّ محله شَعْبان, فقال: أي شعبان! الَّذي نحنُ فيه, أم الَّذي مَضَى, أم الَّذي هو آت؟ ثمَّ قال للصَّحابة: ضَعُوا للنَّاس شيئا يَعْرفُونه من التَّاريخ, فأجمعُوا على الهِجْرة. لكن رأيتُ في مجموع بخطِّ ابن القماح, عن ابن الصَّلاح أنَّه قال: ذكر أبو طاهر بن محمش الزِّيادي في كتاب الشُّروط: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرَّخ بالهجرة حينَ كتب الكِتَاب لنَصَارى نَجْران, وأمرَ عليًّا أن يَكْتُب فيه: أنَّه كتب لخمس من الهجرة. قال فالمُؤرخ بها إذَنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وعُمر تبعهُ في ذلك, وقد أشبعتُ الكلام في ذلك في مُؤلف مُسْتقل يختص بهذه المَسْألة. وأبو بَكْر في جُمَادى الأولَى سَنة ثَلاثَ عَشْرةَ, وعُمر في ذِي الحجَّةِ سَنة ثَلاث وعِشْرين. و توفَّى أبو بَكْر رضي الله عنه في جُمادى الأوَّلى سَنَة ثَلاث عشرة يوم الاثْنين وقِيلَ: لَيْلة الثُّلاثاء بين المَغْرب والعِشَاء لثَمانٍ, وقِيلَ: لثَلاثٍ بَقِينَ منه, وقِيلَ: في جُمَادى الآخرة لَيْلة الاثنين, لسَبْع عَشْرة مَضَت منهُ, وقِيلَ: يوم الجُمعة, لسَبْع ليال بقين وقِيلَ: لثمان بقين منه. والصَّحيح الَّذي جزمَ به الأئمة وصحَّحه الحافظ وثبت بأسَانيد صَحيحة عن عائشة وغيرها عَشِية ليلة يوم الثُّلاثاء, لثَمان بَقِين من جُمادى الآخرة. و توفَّى عُمر في ذي الحجَّة آخر يوم منه, يوم الجُمعة سَنَة ثلاث وعِشْرين ودُفنَ يوم السَّبت مُسْتهل المُحرَّم. وعُثْمان رضي الله عنه فيهِ سَنةَ خَمْس وثَلاثينَ, ابن اثْنتين وثَمَانينَ سَنةً, وقِيلَ: ابنُ تِسْعينَ, وقِيلَ غَيرهُ, وعليٌّ رضي الله عنه في شَهْر رَمَضَان سَنة أرْبعين, ابنُ ثَلاث وسِتينَ, وقِيلَ: أرْبعٍ, وقِيلَ: خَمْس, وطَلْحةُ والزُّبير في جُمَادى الأولَى سَنة سِت وثَلاثين, قال الحاكم: كانَا ابْنَي أرْبع وسِتينَ وقِيلَ غيرُ قَوْله. و قتل عُثْمان فيه أي في ذي الحجَّة, يوم الجُمعة, ثاني عشرة, وقِيلَ: ثامنه, وقِيلَ: ثامن عشريه, وقِيلَ: ثاني عشريه وقِيلَ: ثالث عشريه سَنَة خمس وثلاثين وقِيلَ: أوَّل سَنَة ست وثلاثين. وفي «تاريخ» البُخَاري: سَنَة أربع وثلاثين. قال ابن ناصر: وهو خطأ من راويه, وهو ابن اثنتين وثمانين قاله أبو اليقظان, وادَّعى الواقدي الاتفاق عليه وقِيلَ: ابن تسعين وقِيلَ غيره. فقال ابن إسْحَاق: ابن ثمانين. وقال قَتَادة: ست وثمانين, وقِيلَ: ثمان وثَمَانين. و قُتل عليِّ في شهر رَمَضان ليلة الحادي والعِشْرين منهُ, وقِيلَ: يوم الجُمعة, وقِيلَ: ليلتها, سابع عشرة, وقِيلَ: حادي عشرة, وقِيلَ غير ذلك سَنَة أربعين. وقال ابن زَبْر: سَنَة تسع وثلاثين. وهو وهْمٌ لم يُتابع عليه. وهو ابن ثلاث وستين, وقِيلَ: أربع وستين وقِيلَ: خمس وستين, وقِيلَ: اثنتين وستين, وقِيلَ: ثمان وخمسين, وقِيلَ: سبع وخمسين. وطَلْحة والزُّبير ماتا معًا في يوم واحد قُتلا في وقعة الجمل يوم الخميس, وقِيلَ: يوم الجُمعة عاشر جُمادى الأولى وعليه الجمهُور سَنَة ست وثلاثين. ومن قال في رجب, أو ربيع, فقَوْلان مَرْجُوحان. قال الحاكم: كانَا ابْنَي أربع وسِتين سَنَة, وهو قول الوَاقدي, وتابعهُ ابن حبَّان وقِيلَ غير قوله. فقال أبو نُعيم: كان لطلحة ثلاث وسِتُون. وقال عيسى بن طلحة: اثْنَتان وستون. وقال المَدَائني: سِتُون, وقِيلَ: خمس وسبعون. وقِيلَ: كان للزُّبير سبع وسِتُون, وقِيلَ: ست وستون, وقِيلَ: سِتُّون, وقِيلَ: بضع وخمسون, وقِيلَ: خمس وسَبْعون.
فائدة: قال الزُّبَير بن بَكَّار: أعرق النَّاس في القَتْل: عمارة بن حمزة بن مُصْعب بن الزُّبَير بن العوَّام, قُتل عمارة, وأبوه حَمْزة يوم قديد, وقتل مُصْعبًا عبد الملك بن مروان, وقُتل الزُّبَير يوم الجمل, وقُتل العَوَّام يوم الفجار. زاد أبو مَنْصُور الثَّعالبي في كتابه «لطائف المَعَارف» وقُتل خُويلد أبو العوَّام في حرب خُزَاعة. قال: ولا نعرف من العرب والعجم ستَّة مقتولين في نسب, إلاَّ في آل الزُّبَير رضي الله عنه. وسَعْدُ بن أبي وقَّاصٍ سَنَة خَمْسٍ وخَمْسينَ على الأصَحِّ, ابن ثَلاثٍ وسَبْعين, وسَعِيدٌ سَنَة إحْدَى وخَمْسين, ابنُ ثَلاثٍ أو أرْبَع وسَبْعينَ, وعبدُ الرَّحمن بن عَوْف سَنَة اثْنَتينِ وثَلاثينَ, ابنُ خَمْس وسَبْعينَ, وأبو عُبَيدة سَنَة ثَمَاني عَشْرةَ, ابنُ ثَمَان وخَمْسينَ, وفي بَعْض هذا خِلافٌ رَضِي الله عنهُم أجْمَعينَ. و توفَّى سعد بن أبي وقَّاص سَنَة خمس وخمسين على الأصح وقِيلَ: سَنَة خمسين, وقِيلَ: إحدى, وقِيلَ: أربع, وقِيلَ: ست, وقِيلَ: سبع, وقِيلَ: ثمان ابن ثلاث وسبعين وقِيلَ: أربع وسبعين, وقِيلَ: اثنتين وثمانين, وقِيلَ: ثلاث وثمانين, وهو آخر العشرة موتًا. و توفَّى سعيد بن زيد سَنَة إحدى وخمسين وقِيلَ: اثنتين, وقِيلَ: ثمان وخمسين ابن ثلاث وسبعين أو أربع وسبعين قال الأوَّل المدائني, والثَّاني الفلاس. و توفَّى عبد الرَّحمن بن عوف سَنَة اثنتين وثلاثين وقِيلَ: إحدى, وقِيلَ: ثلاث ابن خمس وسبعين وقِيلَ: اثنتين وسبعين, وقِيلَ: ثمان وسبعين. و توفَّى أبو عُبيدة بطَاعُون عَمْواس سَنَة ثماني عَشْرة وهو ابن ثَمَان وخمسين بلا خلاف في الأمرين وفي بعض هذا خلاف كما تقدَّم التنبيه, عليه رضي الله تعالى عنهم أجمعين. الثَّاني: صَحَابيان عَاشَا سِتِّين سَنَة في الجَاهِليَّة, وسِتِّين في الإسْلام, ومَاتَا بالمَدِينة سَنَة أرْبَع وخَمْسينَ: حَكِيم بن حِزَام, وحَسَّانُ بن ثَابت بن المُنْذر بن حَرَام, قال ابن إسْحَاق: عَاشَ حَسَّان وآبَاؤهُ الثَّلاثَة كلُّ وَاحدٍ مئة وعِشْرين, ولا يُعْرفُ لغَيْرهم من العَرَب مثلُهُ, وقِيلَ: ماتَ حَسَّان سَنَة خَمْسين. الثَّاني: صَحَابيان عاشا ستين سَنَة في الجَاهلية, وستِّين في الإسْلام, وماتَا بالمَدِينة سَنَة أرْبع وخَمْسين. أحدهما: حَكِيم بن حِزَام بن خُويلد بن أسَد بن عبد العُزَّى بن قُصَي الأسَدي ابن أخي خَدِيجة, وكانَ مَوْلده في جَوْف الكَعْبة قبل عام الفيل بثلاث عشرة. وقِيلَ: مات سَنَة خمسين, وقِيلَ: سَنَة ثمان وخمسين, وقِيلَ: سَنَة ستين. و الثَّاني حسَّان بن ثابت بن المنذر بن حَرَام بالرَّاء, الأنْصَاري الخَزْرجي النجَّاري. قال ابن إسْحَاق: عاش حسَّان وآباؤه الثلاثة ثابت, والمُنْذر, وحَرَام كل واحد منهم مئة وعِشْرين سَنَة, ولا نعرف لغيرهم من العرب مثله. وقِيلَ: مات حسَّان سَنَة خمسين وقِيلَ: في خِلافة علي, وقِيلَ: سَنَة أربعين أيام قتل علي, وقِيلَ: مات وهو ابن مئة سَنَة وأربع سنين, وكذا أبوهُ وجده, قالهُ ابن حبَّان, والجمهور على الأوَّل.
تنبيهان: أحدهما: في الصَّحَابة أيضًا من شارك حكيمًا وحسَّان في ذلك, كحُويطب بن عبد العُزَّي القُرَشي العَامري, من مُسْلمة الفتح, عاش ستِّين سَنَة في الجَاهلية, وستِّين سَنَة في الإسْلام, كما رواهُ الواقدي, وماتَ سَنَة أربع وخمسين, وقِيلَ: اثنتين وخمسين. وسعيد بن يَرْبُوع القُرَشي, مات سَنَة أرْبع وخَمْسين, ولهُ مئة وعِشْرون, وقِيلَ: أربع وعِشْرون. وحَمْنَن, بفتح الحاء المُهْملة, وسُكُون الميم, وفتح النُّون الأولى, آخره نون, فيما ضبطهُ ابن ماكولا, وقال بعضهم: حَمْنز آخره زاي, أخو عبد الرَّحمن بن عوف, ذكر الزُّبَير بن بكَّار, والدَّارقُطْني في كتاب «الإخوة»، وابن عبد البر: أنَّهُ عاشَ ستِّين سَنَة في الجَاهلية, وستِّين سَنَة في الإسْلام, ومات سَنَة أربع وخمسين. ومَخْرمة بن نَوْفل, والد المِسْور, مات سَنَة أربع وخمسين وله مئة وعِشْرون, جزم به أبو زكريا بن منده في جزء له, جمع فيه من عاش من الصَّحَابة مئة وعِشْرون, وقِيلَ: عاش مئة وخمس عشرة. وقد ذكر ابن مَنْده في كتابه هذا جَمَاعة عاشُوا مئة وعِشْرين, ولكن لم يعلم كون نِصْفها في الجَاهلية, ونِصْفها في الإسْلام. كَعَاصم بن عَدي العَجْلاني, مات سَنَة خَمْس وأرْبَعين. والمُنْتجع, جد ناجية. ونافع بن سُليمان العَبْدي. واللَّجْلاج العَامري. وسَعْد بن جُنَادة العَوْفي والد عَطِية. وفَاتهُ: عَدي بن حاتم الطَّائي, قال ابن سَعْد وخليفة: توفَّى سَنَة ثمان وستِّين, عن مئة وعِشْرين, وقِيلَ: سَنَة ستِّين, وقِيلَ: سبع. والنَّابغة الجَعْدي. ولَبِيد بن رَبِيعة. وأوس بن مَغْراء السَّعدي, ذكر الثَّلاثة الصَّريفيني. ونَوْفل بن مُعاوية, ذكره ابن قُتيبة وعبد الغني في «الكمال». ومن التَّابعين: أبو عَمرو الشَّيباني, صاحب ابن مَسْعُود. وزِر بن حُبَيش. وقد لخَّصتُ جزء ابن منده المذكُور, وزدتُ عليه ما فاته. الثَّاني: قال الزُّبَير بن بَكَّار: كان مَوْلد حكيم في جَوْف الكعبة. قال شيخ الإسْلام: ولا يُعرف ذلك لغيره, وما وقع في «مُسْتدرك» الحاكم من أنَّ عليًّا ولد فيها ضعيفٌ. الثَّالث: أصْحَاب المَذَاهب المَتْبُوعة: سُفْيان الثَّوري, ماتَ بالبَصْرة سَنَة إحْدَى وستِّين ومئة, مَوْلدهُ سَنَة سَبْع وتِسْعين. مَالكُ بن أنَس, ماتَ بالمَدِينة سَنَة تسع وسَبْعين ومئة, قِيلَ: ولدَ سَنَة ثَلاث وتِسْعين, وقِيلَ: إحْدَى, وقِيلَ: أرْبَع, وقِيلَ: سَبْع. أبو حَنِيفة النُّعْمَان بن ثَابت مَاتَ بِبَغْداد سَنَة خَمْسين ومئة, ابن سَبْعينَ. أبو عبد الله مُحمَّد بن إدْرِيس الشَّافعي, مات بمِصْر آخِرَ رَجَب سَنَة أرْبَع ومئتين, وَوُلدَ سَنَة خَمْسينَ ومئة. الثَّالث في وفيات أصْحَاب المَذَاهب المَتْبُوعة : أبو عبد الله سُفْيان ابن سعيد الثَّوري كان له مُقلدون إلى بعد الخمس مئة ماتَ بالبَصْرة سَنَة إحدى وستين ومئة قال ابن حبَّان: في شَعْبان. مولده سَنَة سبع وتسعين وقِيلَ: خمس وتسعين. و أبو عبد الله مَالك بن أنس, مات بالمَدِينة سَنَة تسع وسبعين ومئة وقِيلَ: في صَفَر, وقِيلَ: صَبِيحة أرْبع عَشْرة من ربيع الأوَّل قيل: وُلد سَنَة ثلاث وتِسْعين, وقِيلَ: سَنَة إحدى وتسعين, وقِيلَ: أربع وتسعين وقِيلَ: سبع وتسعين, وقِيلَ: ستة وتسعين. أبو حنيفة النُّعْمان بن ثابت, مات ببغداد سَنَة خمسين ومئة في رجب, وقِيلَ: إحْدَى وخمسين, وقِيلَ: ثلاث ابن سبعين سَنَة, فإنَّ مولده سَنَة ثمانين. أبو عبد الله مُحمَّد بن إدريس الشَّافعي, مات بمصر ليلة الخميس آخر رجب, سَنَة أربع ومئتين وقال ابن حبَّان: آخر ربيع الأوَّل, والأوَّل أشهر, وولد سَنَة خمسين ومئة بغزَّة من الشَّام, وقِيلَ: بعسقلان, وقِيلَ: باليمن. أبو عبد الله أحْمَدُ بنُ حَنْبل, مات بِبَغْداد في شَهْرِ رَبِيع الآخَر سَنَة إحْدَى وأرْبَعين ومئتين, وَوُلد سَنَة أرْبَع وستِّين ومئة. أبو عبد الله أحمد بن حَنْبل, مات ببغداد في ضَحْوة يوم الجُمْعة, لاثْنَتي عشرة ليلة خَلَت من شَهْر ربيع الآخر وقِيلَ: لثلاث عشرة بَقِين منه, وقِيلَ: من ربيع الأوَّل سَنَة إحْدَى وأرْبَعين ومئتين, وولد سَنَة أربع وستين ومئة في ربيع الأوَّل, رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
تنبيه: من أصْحَاب المَذَاهب المَتْبوعة: الأوْزَاعي, وكان له مُقلِّدُون بالشَّام نحوا من مئتي سَنَة, ومات ببيروت سَنَة سبع وخمسين ومئة. وإسْحَاق بن راهويه, ومات سَنَة ثمان وثلاثين ومئتين. وأبو جعفر بن جَرِير الطَّبري, ووفاته سَنَة عشر وثلاث مئة. وداود الظَّاهري, ووفاته في ذِي القعدة, وقِيلَ: في رَمَضان ببغداد سَنَة تسعين ومئتين, ومولده بالكوفة سَنَة ثنتين ومئتين. الرَّابع: أصْحَاب كُتُب الحَدِيث المُعْتَمدة أبو عبد الله البُخَاري, ولدَ يَوْم الجُمعة, لثَلاث عَشْرَة خَلَت من شَوَّال سَنَة أرْبَع وتِسْعين ومئة, وماتَ لَيْلَة الفِطْرِ سَنَة ست وخَمْسين ومئتين. ومُسْلم مَاتَ بنَيْسَابُور لخَمْسٍ بقينَ من رَجَبٍ سَنَة إحدى وسِتِّين ومئتين, ابنُ خَمْسٍ وخَمسينَ. الرَّابع : في وفيات أصْحَاب كُتب الحديث المُعْتمدة: أبو عبد الله مُحمَّد بن إسماعيل بن إبْرَاهيم بن المُغيرة بن بَرْدِزبَه بفتح الموحَّدة وسُكون الراء وكسر الدال المهملة وسُكون الزَّاي وفتح الموحَّدة ثمَّ هاء, الجُعْفي البُخَاري نِسْبة إلى بُخَارى بالقَصْر, أعظم مدينة وراء النهر. ولدُ يوم الجُمعة بعد الصَّلاة لثلاث عشرة خلت من شوَّال سَنَة أربع وتسعين ومئة, ومات ليلة السَّبت, وقت العشاء, ليلة عيد الفِطْر سَنَة ست وخمسين ومئتين بخرتنك, قرية بقُرْب سَمْرقند. خرجَ إليها لمَّا طلب منهُ والي بُخَارى خالد بن أحمد الذُّهْلي أن يَحْمل له «الجامع» و«التاريخ» ليسمعهُ منه, فقال لرسُوله: قل له: أنا لا أُذل العِلْم, ولا أحمله إلى أبواب السَّلاطين, فأمرهُ بالخُروج من بلده, فخرج إلى خَرْتنك, وكان له بها أقْربَاء, فنزل عندهم, وسأل الله عزَّ وجلَّ أن يقبضهُ, فما تمَّ الشَّهر حتَّى مات. له من التصانيف غير «الصَّحيح»: «الأدب المُفْرد», و«رفع اليَدين في الصَّلاة», و«القراءة خلف الإمام», و«بر الوالدين», و«التاريخ الكبير», و«الأوسط», و«الصَّغير» و«خلق أفعال العباد» و«الضُّعفاء». وكُلها موجُودة الآن, وما لم نقف عليه: «الجامع الكبير» ذكرهُ ابن طاهر و«المسند الكبير», و«التفسير الكبير» ذكره الفَرْبري, و«الأشْربة» ذكره الدَّارقُطْني, و«الهبة» ذكره ورَّاقة, و«أسامي الصَّحَابة» ذكره أبو القاسم ابن منده وأبو القاسم البَغَوي, و«الوحدان» وهو من ليس له إلاَّ حديث واحد من الصَّحَابة, ذكره البَغَوي, و«المبسوط» ذكره الخليلي, و«العلل» ذكره ابن منده, و«الكُنى» ذكره أبو أحمد الحاكم, و«الفوائد» ذكره التِّرمذي في «جامعه». ومُسْلم ابن الحجَّاج بن مُسلم القُشَيري النَيْسَابوري أبو الحُسين مات بنيسابور عَشِية يوم الأحد لِخَمس بَقِين من رجب سَنَة إحدى وستِّين ومئتين, ابن خمس وخمسين وقِيلَ: ستِّين, وقِيلَ: سَبْع وخمسين, لأنَّ المَعْروف أنَّ مَوْلده سَنَة أرْبَع ومئتين. قال الحاكم: له من الكُتب غير «الصَّحيح»: «الجامع» على الأبواب, رأيت بعضه, و«المُسْند الكبير» على الرِّجال, ما أرى أنَّه سمع منه أحد, و«الأسماء والكنى», و«التمييز», و«العلل», و«الوحدان», و«الأفراد», و«الأقران», و«الطبقات», و«أفراد الشَّاميين», و«أولاد الصَّحَابة», و«أوْهَام المُحدِّثين», و«المُخَضْرمون», و«حديث عَمرو بن شُعيب», و«الانتفاع بأُهب السِّباع», و«سُؤالات أحمد», و«مشايخ مالك والثَّوري شُعْبة». وأبو دَاود السِّجِسْتَاني, ماتَ بالبَصْرة في شَوَّال سَنَة خَمْس وسَبْعين ومِئتَين. وأبو عِيسَى التِّرمذي, مَاتَ بِترْمِذ لِثَلاث عَشْرة مَضَت من رَجَب سَنَة تِسْع وسَبْعين ومِئتَين. وأبو عبد الرَّحمن النَّسَائي, مَاتَ سَنَة ثَلاث وثَلاث مِئة. وأبو داود سُليمان بن الأشْعَث بن بَشِير بن شَدَّاد بن عَمرو بن عِمْران الأزْدي السِّجِسْتَاني بكسر المُهْملة والجيم وسُكُون السِّين المُهْملة أيضًا, نِسْبة إلى سجستان, ويُنْسب إليها سجزي أيضًا, على غير قِيَاس ماتَ بالبَصْرة في يوم الجُمعة سادس عشر شوَّال سَنَة خمس وسبعين ومئتين ومولده سَنَة ثنتين ومئتين. له من التصانيف: «السُّنن», و«المَرَاسيل», و«الرد على القَدَرية», و«النَّاسخ والمَنْسُوخ», و«ما تفرَّد به أهل الأمْصَار», و«فضائل الأنْصَار», و«مُسند مالك بن أنس», و«المسائل», و«مَعْرفة الأوقات», و«الإخوة», وغير ذلك. وأبو عيسى مُحمَّد بن عيسى بن سَوْرة بن مُوسَى بن الضحَّاك التِّرمذي السُّلمي الضَّرير مات بتِرْمِذ وهي مَدِينة على طرف جَيْحُون, بكسر التاء, وقِيلَ: بفتحها, وقِيلَ: بضمِّها وكسر الميم, وقِيلَ: مَضْمُومة, وذال مُعْجمة, ليلة الاثنين, لثلاث عشرة مَضَت من رجب, سَنَة تسع وسبعين ومئتين, وقال الخليلي: بعد الثَّمانين, وهُو وَهْمٌ. لهُ من التَّصَانيف: «الجامع», و«العلل المفرد», و«التاريخ», و«الزهد», و«الشَّمائل», و«الأسماء والكُنى». وأبو عبد الرَّحمن أحمد بن شُعيب بن علي بن سِنَان بن بَحْر بن دِينَار الخُرَاساني النَّسَائي ويُقَال: النَّسَوي, نِسْبة إلى نَسَا بالفتح والقصر, مدينة بخُرَاسان, مات بفلسطين يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت من صفر, وقِيلَ: بمكَّة في شعبان سَنَة ثلاث وثلاث مئة ومولده سَنَة أربع عشرة, وقِيلَ: خمس عشرة ومئتين. له من الكُتب: «السُّنن الكُبرى», و««الصُّغْرى», و«خصائص علي», و«مُسْند علي» رضي الله عنه، و«مُسْند مالك», و«الكُنَى», و«عمل اليوم واللَّيلة», و«أسْمَاء الرُّواة والتَّمييز بينهم», و«الضُّعفاء», و«الإخوة», و«ما أغرب شُعْبة على سُفْيان وسُفيان على شُعْبة», و«مُسْند منصور بن زاذان», وغير ذلك. وأبو عبد الله مُحمَّد بن يزيد بن مَاجه القَزْويني, مات في رمضان سَنَة ثلاث وسَبْعين ومئتين, ولم يذكُر المُصنِّف كابن الصَّلاح وفَاته, كما لم يذكُرَا كتابه في الأُصُول. ولهُ من التَّصَانيف: «السُّنن» و«التَّفسير». ثمَّ سَبْعة من الحُفَّاظ في سَاقَتهم, أحسَنُوا التَّصْنيف, وعَظُم النَّفع بِتَصَانيفهم: أبو الحَسَن الدَّارقُطْني, ماتَ بِبَغْداد في ذِي القعدة, سَنَة خَمْس وثَمَانين وثلاث مئة, وَوُلدَ فيه سَنَة سِت وثَلاث مئة. ثمَّ الحَاكم أبو عبد الله النَيْسابوري, مَاتَ بها في صَفَر, سَنَة خَمْس وأرْبَع مِئة, وَوُلدَ بها في شَهْر ربيع الأوَّل سَنَة إحْدَى وعِشْرين وثلاث مئة. ثمَّ أبو مُحمَّد عبد الغَنِي بن سعيد حافظُ مِصْر, ولد في ذي القعدة سَنَة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة, ومات بِمِصْر في صفر سَنَة تِسْع وأربع مئة. ثمَّ سَبْعة من الحُفَّاظ في سَاقتهم, أحسَنُوا التصنيف, وعَظُم النَّفع بتصانيفهم: أبو الحسن علي بن عُمر بن أحمد بن مهدي بن مَسْعود بن النُّعْمان بن دينار بن عبد الله الدَّارقُطْني بفتح الرَّاء وضم القاف وسُكون الطاء, نِسْبة إلى دار القُطْن, محلَّة ببغداد, مات ببغداد في يوم الأربعاء لثمان خَلَون من ذي القعدة سَنَة خمس وثمانين وثلاث مئة, وولد فيه أي: ذي القعدة سَنَة ست وثلاث مئة. له: «السُّنن» و«العلل» و«التَّصحيف» و«الأفراد» وغير ذلك. ثمَّ الحاكم أبو عبد الله مُحمَّد بن عبد الله بن مُحمَّد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم بن البيع النَيْسَابوري, مات بها في ثالث صفر, سَنَة خمس وأربع مئة, وولد بها في صَبيحة الثَّالث من شهر ربيع الأوَّل, سَنَة إحدى وعشرين وثلاث مئة. له «المستدرك», و«تاريخ نيسابور», و«علوم الحديث», و«التفسير», و«المدخل», و« الإكليل», و«مناقب الشَّافعي» وغير ذلك. ثمَّ أبو مُحمَّد عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشير بن مروان الأزدي حافظ مصر, ولد في ذي القعدة, سَنَة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة, ومات بمصر في صفر لسبع خلون منه سَنَة تسع وأربع مئة. له من المُصنَّفات: «المؤتلف والمختلف» وغيره. أبو نُعَيم أحْمَد بن عبد الله الأصْبَهَاني, ولدَ سَنَة أرْبعٍ وثَلاثينَ وثلاث مئةٍ, ومَاتَ في صَفَر سَنَة ثلاثين وأربع مِئة بأصْبَهان. وبعدهم: أبو عُمر بن عبد البَرِّ حَافظُ المَغْرب, ولدَ في شَهْر رَبِيع الآخر سَنَة ثَمانٍ وستِّين وثلاث مئةٍ, وتوفَّى بِشَاطبة فيه سَنَة ثَلاث وستِّين وأرْبَع مئة. أبو نُعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسْحَاق بن موسى بن مهران الأصبهاني نسبة إلى أصْبَهان بفتح الهمزة وكسرها وفتح الباء, ويُقَال بالفاء أيضًا أشْهر بلاد الجبال ولد في رجب سَنَة أربع وقِيلَ: ست وثَلاثين وثلاث مئة, ومات في يوم الاثنين, الحادي والعشرين من صفر, سَنَة ثلاثين وأربع مئة بأصبهان. له من التَّصَانيف: «الحِلْية», و«مَعْرفة الصَّحَابة», و«تاريخ أصْبَهان» و«دلائل النُّبوة», و«عُلوم الحديث», و«المُسْتخرج على البُخَاري», و«المُسْتخرج على مُسْلم», و«فضائل الصَّحَابة», و«صِفَة الجنَّة», و«الطِّب» وغيرها. وبعدهُم أبو عُمر يُوسف بن عبد الله بن مُحمَّد بن عبد البر بن عاصم النُّمَيري القُرْطبي حافظ المَغْرب, ولد في يوم الجُمُعة والخَطيبُ على المِنْبر, لخمس بَقِينَ من شَهْر ربيع الآخر, سَنَة ثَمَان وستِّين وثلاث مئة, وتوفي بشاطبة وهي مَدينة بالأندلس, في ليلة الجُمُعة, سلخ ربيع الآخر سَنَة ثلاث وستين وأربع مئة. له من التَّصانيف: «التَّمْهيد في شرح المُوطأ», و«الاستذكار», ومُختصره, و«التَّقَصي على المُوطأ», و«الاسْتِيعاب في الصَّحَابة» و«فضل العلم», و«قبائل الرُّواة», و«الشَّوَاهد في إثبات خبر الواحد», و«الكُنَى» و«المَغَازي», و«الأنْسَاب» وغير ذلك. ثمَّ أبو بَكْر البَيْهقي, ولدَ سَنَة أرْبَع وثَمَانين وثَلاث مئة, ومَاتَ بنَيْسَابُور في جُمَادى الأولى سَنَة ثَمَان وخَمْسين وأربع مئة. ثمَّ أبو بَكْر الخَطِيب البَغْدَادي, ولدَ في جُمَادى الآخرة, سَنَة إحْدَى وتِسْعين وثلاث مئة, ومَاتَ ببغداد في ذي الحجَّة, سَنَة ثلاث وستِّين وأربع مئة. ثمَّ أبو بَكْر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن مُوسَى البَيْهقي نِسْبة إلى بَيْهق بفتح الموحَّدة والهاء بينهما تَحْتية ساكنة, كَوْرة بنواحي نَيْسَابور وُلد في شعبان سَنَة أربع وثمانين وثلاث مئة, ومَاتَ بنيسابور في عاشر جُمَادى الأولى, سَنَة ثَمَان وخمسين وأربع مئة ونُقل تابوته إلى بَيْهق. له من التَّصَانيف: «السُّنن الكبرى» و«الصَّغْرى» و«المَعْرفة» و«المَبْسُوط» و«المَدْخل» و«شُعَب الإيمان» و«الأسْمَاء والصِّفات» و«البَعْث والنُّشور» و«الزُّهْد الكبير» و«الصَّغير» و«مَنَاقب الشَّافعي», و«الخِلافيات» و«الأدب» و«الاعتقاد» وغير ذلك. ثمَّ أبو بَكْر أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مَهْدي الخَطِيب البَغْدادي وُلدَ في يوم الخميس, لستِّ بقين من جُمَادى الآخرة سَنَة إحْدَى وتسعين وثلاث مئة وقِيلَ: اثنتين ومَاتَ ببغداد في سابع ذي الحجَّة سَنَة ثلاث وستِّين وأرْبَع مئة. وله من التَّصَانيف: «تاريخ بغداد», و«الجامع في أدب الرَّاوي والسَّامع», و«الكِفَاية في قَوَانين الرِّواية», و«الرِّحلة», و«تَلْخيص المُتَشابه», والذَّيل عليه و«الفَصْل للمُدْرج» و«المُبْهمات» وأشياء كثيرة جدًّا في الفن.
هُوَ مِنْ أجلِّ الأنْوَاع, فبهِ يُعْرفُ الصَّحيحُ والضَّعيفُ, وفيهِ تَصَانيفُ كَثيرةٌ: مِنْهَا مُفْردٌ في الضُّعفَاء, ككتاب البُخَاري, والنَّسَائي, والعُقَيلي, والدَّارقُطْني, وغيرهَا, وفي الثِّقاة: «كالثِّقاة» لابن حبَّان, ومُشْترك «كتاريخ» البُخَاري, وابن أبي خَيْثمة, وما أغْزَر فَوَائده, وابنُ أبي حاتم وما أجَلهُ. النَّوع الحادي والستون: معرفة الثِّقات والضُّعفاء. هو من أجلِّ الأنواع, فبه يُعرف الصَّحيح والضَّعيف, وفيه تَصَانيف كثيرة لأئمة الحديث. منها: مُفْرد في الضُّعفاء, ككتاب البُخَاري, والنَّسائي, والعُقَيلي, والدَّارقُطْني, وغيرها ككتاب السَّاجي, وابن حبَّان, والأزدي, و«الكامل» لابن عَدي, إلاَّ أنَّه ذكر كل من تكلَّم فيه وإن كان ثقة, وتبعهُ على ذلك الذَّهَبي في «الميزان»، إلاَّ أنَّه لم يذكر أحدًا من الصَّحَابة والأئمة المتبوعين, وفاتهُ جَمَاعة ذيَّلهم عليه الحافظ أبو الفضل العِرَاقي في مجلد. وعمل شيخ الإسلام «لسان الميزان» ضمَّنه «الميزان» وزوائد. وللذَّهبي في هذا النَّوع «المُغْنى» كتاب صغير الحجم نافع جدًّا, من جهة أنَّه يحكم على كل رجل بالأصح فيه بكلمة واحدة, على إعْوَاز فيه سأجمعه إن شاء الله تعالى في ذيل عليه. و منها: مفرد في الثِّقاة, «كالثِّقاة» لابن حبَّان ولابن شَاهين, والعِجْلي وغيرهم. و منها مشترك جمع فيه الثِّقات والضُّعفاء «كتاريخ» البُخَاري, وابن أبي خَيْثمة, وما أغزر فوائده, و «الجرح والتعديل» تصنيف ابن أبي حاتم, وما أجله و«طبقات» ابن سَعْد, و«تمييز» النَّسَائي, وغيرها. وجُوِّزَ الجَرْحُ والتَّعْديلُ صِيَانةً للشَّرِيعة, ويَجبُ على المُتكَلِّم فيه التَّثبُّت, فقَدْ أخْطَأ غيرُ واحدٍ بِجَرْحِهِم بِمَا لا يُجْرح. وجُوِّز الجَرْح والتَّعديل صيانة للشَّريعة وذبًّا عنها, قال تعالى: {إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]. وقال صلى الله عليه وسلم في التعديل: «إنَّ عبد الله رَجُل صَالح». وفي الجَرْح: « بئسَ أخُو العَشِيرة». وقال: «حتَّى مَتَى تَرْعون عن ذِكْر الفَاجر, اهتكوه يَحْذرهُ النَّاس». وتكلَّم في الرِّجَال جَمْع من الصَّحَابة والتَّابعين فمن بعدهم. وأمَّا قول صالح جَزَرة: أوَّل من تكلَّم في الرِّجَال: شُعْبة, ثمَّ تبعهُ يَحْيى بن سعيد القَطَّان, ثمَّ أحمد, وابن مَعِين. فيعني أنَّه أوَّل من تصدَّى لذلك. وقد قال أبو بَكْر بن خَلاَّد ليَحْيى بن سعيد: أما تخشى أن يَكُون هؤلاء الَّذين تركت حديثهم خُصَماءك عند الله؟ فقال: لأن يَكُونوا خُصَمائي, أحب إليَّ من أن يَكُون خَصْمي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: لِمَ لَمْ تذب الكذب عن حديثي. وقال أبو تُراب النَّخْشبي لأحمد بن حنبل: لا تَغْتب العُلماء, فقال له أحمد: ويحك هذا نصيحة ليس هذا غيبة. وقال بعض الصُّوفية لابن المُبَارك: تَغْتاب؟ قال: اسْكُت إذا لم نُبيِّن, كيف نعرف الحق من الباطل. ويجبُ على المُتكلِّم فيه التَّثبت فقد قال ابن دقيق العيد: أعراض المُسلمين حفرة من النَّار, وقف على شفيرها طائفتان من النَّاس المُحدِّثون والحُكَّام. ومع ذلك فقد أخْطَأ غير واحد من الأئمة بجرحهم لبعض الثِّقات بما لا يجرح كما جرح النَّسَائي أحمد بن صالح المصري بقوله: غير ثقة ولا مأمون, وهو ثقة إمام حافظ, احتجَّ به البُخَاري, ووثَّقه الأكثرون. قال الخليلي: اتَّفق الحُفَّاظ على أنَّ كلام النَّسَائي فيه تَحَامُل, ولا يقدح كلام أمثاله فيه. قال ابن عدي: وسبب كلام النَّسَائي فيه: أنَّه حضرَ مَجْلسه فطردهُ, فحملهُ ذلك على أن تكلَّم فيه. قال ابن الصَّلاح: وذلكَ لأنَّ عين السُّخْط تبدي مساوئ, لها في البَاطن مَخَارج صحيحة, تعمى عنها بحجاب السُّخْط, لا أنَّ ذلك يقع منهم تعمدًا للقَدْح, مع العلم ببُطْلانه. وقال ابن يُونس: لم يَكُن أحمد بن صالح كما قال النَّسَائي, لم تَكُن له آفة غير الكبر. وقد تكلَّم فيه ابن معين بما يُشير إلى ذلك فقال: كذاب يتفلسف, رأيتهُ يخطر في جامع مصر. فنسبه إلى الفلسفة, وأنَّه يخطر في مشيته, ولعلَّ ابن مَعِين لا يدري ما الفلسفة, فإنَّه ليس من أهلها. وقال شيخ الإسلام: إنَّما ضعَّف ابن معين أحمد بن صالح الشمومي, لا المصري المُتكلَّم عليه هنا. قال ابن دقيق: والوجُوه الَّتي تدخل الآفة منها خمسة: أحدها: الهوى والغرض, وهو شَرها, وهو في تاريخ المتأخِّرين كثير. الثَّاني: المُخَالفة في العقائد. الثَّالث: الاختلاف بين المُتصوفة وأهل علم الظَّاهر. الرَّابع: الكلام بسبب الجَهْل بمراتب العُلوم, وأكثر ذلك في المتأخِّرين, لاشتغالهم بعلوم الأوائل وفيها الحق: كالحساب, والهندسة, والطب, والباطل: كالطَّبيعي وكثير من الإلهي, وأحكام النجوم. الخامس: الأخذ بالتوهم مع عدم الوَرَع. وقد عقد ابن عبد البر في كتاب «العلم» بابًا لكلام الأقْرَان المُتعاصرين في بعضهم, ورأى أنَّ أهل العلم لا يقبل جرحهم إلاَّ ببيان واضح. وتَقَدَّمت أحْكَامه في الثَّالث والعِشْرين. وتقدَّمت أحكامه في النَّوع الثَّالث والعشرين فأغنى عن إعادتها هنا. فائدتان: الأولى: قال في «الاقتراح»: تعرف ثقة الرَّاوي بالتنصيص عليه من رواته, أو ذكره في تاريخ الثِّقات, أو تخريج أحد الشَّيخين له في الصَّحيح, وإن تُكلِّم في بعض من خرج له, فلا يُلتفت إليه, أو تخريج من اشترط الصحَّة له, أو من خرج على كتب الشَّيخين. الثَّانية: قال الحاكم في «المَدْخل»: المَجْروحون على عشرة طبقات: الأولى: قومٌ وضَعُوا الحديث. الثانية: قومٌ قلبوهُ, فوضعوا لأحاديث أسانيد غير أسانيدها. الثالثة: قومٌ حملهم الشَّره على الرِّواية عن قوم لم يُدركوهم. الرَّابعة: قومٌ عمدُوا إلى الموقوفات فرفعوها. الخَامسة: قومٌ عمدُوا إلى المَرَاسيل فوصلوها. السَّادسة: قومٌ غلب عليهم الصَّلاح, فلم يتفرَّغوا لضبط الحديث, فدخل عليهم الوَهْم. السَّابعة: قومٌ سمعُوا من شُيوخ, ثمَّ حدَّثوا عنهم بما لم يسمعوا. الثَّامنة: قومٌ سمعُوا كُتبًا, ثمَّ حدَّثوا من غير أُصول سماعهم. التَّاسعة: قومٌ جيء لهم بكتب ليُحدِّثوا بها, فأجَابُوا من غير أن يدروا أنَّها سماعهم. العاشرة: قومٌ تلفت كُتبهم, فحدَّثوا من حفظهم على التَّخمين, كابن لَهِيعة.
|